يحق للمجتمعات تخليد إنجازاتها والإنتصارات وكل ذكرى تعبر عن منعطف وطني شكل تحولاً في التاريخ كأعياد، لترسم هوية جامعة لها ولتخلق روابط مشتركة ووجدان موحد ولتحفظ ذاكرة الأرض والإنسان عبر الإحتفال بذكرى الإعمار والبناء والتطور وإزدراء أحداث القتل والدمار وكل بشع وترديدها كعبر.
واليمنيون المتمسكون ببناء جمهورية التوزيع العادل للثروة والسلطة، والمؤمنون بضرورة ترسيخ دولة القانون والمؤسسات، والمتطلعون لبلد فيه من الحقوق والحريات العامة ما يرقى لأعلى معايير الإنسانية، يحتفلون اليوم بالذكرى الخامسة لإقرار وثيقة مخرجات الحوار الوطني الشامل التي أسست سياسياً وقانونياً لكل تطلعاتهم وطموحاتهم العامة الوطنية وأسست بذلك مستقبل جديد لليمن.
إن وثيقة مخرجات الحوار لكل من يقرأها غير محمل بالأراء المسبقة وغير متأثر (بالقيل والقال) السياسي الذي لايمت للتحليل المنهجي بصلة، سيجدها قد صانت معايير حقوق الإنسان وحافظت على أطر الديمقراطية في الدولة وسعت عبر آليات مفصلة مطولة لإيجاد حلول عادلة لقضايا اليمن السياسية والإدارية وأطرتها كمشروع جامع للمستقبل ليصاغ بعد ذلك -بإذن الله- دستوراً وقوانين يحكم اليمنيين، فما الذي يعيب الوثيقة كمادة قانونية سياسية مجردة، وما الذي يعيب المحتفلون بذكرى إقرارها،
وهم بتمسكهم بوثيقة المخرجات منذ أول يوم لإقرارها لم يمجدوا زعيماً أو سيداً بل مجدوا الدولة والوطن،
وعندما نودي للحرب قالوا بأن طريق استكمال المرحلة الإنتقالية وفقاً للمرجعيات المتفق عليها من قبلنا جميعا هو السلام بعينه،
وعندما فُرضت عليهم الحرب من قبل المنقلبين على الإتفاقات والدولة والحياة ضلوا متمسكين بالإتفاق الجامع والوثيقة الشاملة واستمر إيمانهم بالدولة رغم طعنات شركاء الأرض لهم وللوطن.
فلا يوجد ماهو معيب في كل ماسبق، لذلك هم يحتفلون اليوم ومن حقهم ذلك، فهذه خياراتهم المصيرية ودربهم المختار وهذا مشروع المستقبل بالنسبة لهم.
سنحتفل فبالوثيقة المستقبل أوضح...
وبالمقارنة هي المشروع الأكمل...
وما إحتفالنا إلا تجديد لعهدنا بالتمسك بالوثيقة ومحتواها والسير في درب تنفيذ مخرجاتها حتى نرى يمننا الجديد المنشود.